آخر الأخبار

كل العمر قد روح



ضيف الله مهدي

كان عمره سنتان وهنا لاحظت عليه عدة أشياء .. قلت الطفولة جميلة دعه يعيشها بكل تفاصيلها !!

لم يهدأ أبداً كل وقته ولحظاته يجري .. غفلت عنه سنوات فإذا هو متخرج في الثانوية . يا ذي المفاجئة الجميلة ! أسأله أين بتواصل دراستك ؟

فيرد : أمامي عدة خيارات ولكن هناك عقبة قد تعيقني ولكن سأحقق بعضها ! دعوت له بالتوفيق . أخذتني المشاغل والأيام فلم أنتبه إلا عندما وصلتني دعوة بحضور وليمة غداء وذلك بمناسبة تخرجه في الجامعة .. بصراحة كنت عنه مشغول وهو كل خطواته مسرعة ، بل لا يمشي نهائيا ، وفِي يوم جلست معه ، وأسأله كم عمرك ؟ . فرد ثلاثون عاما !! 

يا لهول ما سمعت ! لكن مع الأيام لم أهتم به رغم أني أعيش معه وفِي منزل واحد . وتمضي الأيام وهو كعادته يجري بأقصى سرعة ، تمر السنة وكأنها يوم أعرف كل تفاصيلها ، فأنادي عليه ومرة أصيح في وجهه صيحة غضب : ألا تتوقف .. ألا تستريح .. ألا تمشي على الأقل ؟! .

لا يرد على أسئلتي مطلقا ، فتكسرت نفسي وتحسرت عليه !. 

ويحتفل بعيد مولده الأربعين ، فتذكرت الآية الكريمة ، قال تعالى : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

هلت دموعي ، وقلت : كم بقي ؟.

لم يجنبنِ ،  ويمضي كعادته جريا .. حتى أصاب جسده التعب والمرض .

توقف وأطرق ينظر إلى الأرض ويحسب على أصابع يده وعينيه تفيض بالدمع 

أسأله : مالك ؟ ، قال : ٥٨ عاما أجري لم أتوقف والآن أقتربت من الستين عاما ! ألا أبكي ؟ أنا عمرك مضيت سريعا ولَم تشعر بي !! قلت له :

لا تبكي ولا تضحك

لا تحزن ولا تفرح

هو كم فيه باقي عمر؟

كل العمر قد روح !

لحزنك أنا أحزن

ولحزني أنت تفرح

مليت أنا صابر

وأنت دائما تجرح

يا خلي يا متغلي

تعال ساعة نفرح

ونغسل هموم القلب

كل العمر قد روح

نعم عديت الستين عاما ولَم تخلص الأماني وتنتهي الأحلام ، لكن الشمس أقتربت من المغيب .

أحدث أقدم